المغرب يستعد لإعلان تصور استراتيجي خاص بأدوار فعاليات المجتمع المدني
تستعد الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني لإعلان استراتيجيتها الجديدة المتعلقة بالنهوض بأدوار الجمعيات المنصوص عليها في الدستور وفي القوانين المنظمة للعمل الجمعوي، وتذليل الصعوبات والعوائق التي تحول دون القيام بها، وتوفير البيئة الملائمة لاشتغالها، وجعْلها شريكا في التنمية.
وتم إعداد الاستراتيجية الجديدة، المرتقب تنفيذها بعد عرض ومناقشة مضامينها في البرلمان، انطلاقا من دراسةٍ وثائقية لكل ما تم إنتاجه حول المجتمع المدني منذ دستور 2011؛ بما في ذلك توصيات النموذج التنموي الجديد، وبناء على دراسة تجارب 22 دولة في مجال العلاقة مع المجتمع المدني.
حسب الاستراتيجية التي قدم خطوطها العريضة عبد العزيز الدحماني، مستشار الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، في الدورة الخريف لجامعة السجون، فإن من بين الصعوبات التي تكتنف مجال العمل الجمعوي في المغرب محدودية المعلومات المتعلقة بالنسيج الجمعوي.
وبالرغم من أن الأرقام الرسمية تفيد بأن عدد جمعيات المجتمع المدني في المغرب يناهز 240 ألف جمعية، فإن محدودية المعلومات المتعلقة بالنسيج الجمعوي يصعّب الإلمام بالمعطيات المرتبطة بعدد الجمعيات الفاعلة في الميدان، وكذا مجالات اشتغالها.
وترمي الاستراتيجية الجديدة، التي أعدتها الوزارة الوصية على القطاع، إلى جعل المجتمع المدني “شريكا في التنمية وتأهيل وقدرات منظماته وعصْرنة أدوارها وتوفير أرضية خصبة لاشتغالها، انطلاقا من التوجيهات الملكية، واستحضارا للترسانة القانونية المؤطرة لعمل المجتمع المدني”.
وخوّل دستور 2011 اختصاصات جديدة للمجتمع المدني وجعله شريكا في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها، في إطار آلية الديمقراطية التشاركية؛ غير أن عمل الجمعيات لا تزال تكتنفه جملة من الصعوبات.
ومن بين الصعوبات والعراقيل التي تعيق مسار ومساهمة المجتمع المدني في التنمية، بناء على التشخيص الذي قامت به الوزارة وأعدت بناء عليه استراتيجيتها الجديدة، نجد: صعوبة التنسيق بين القطاعات الحكومية والفاعلين المدنيين، وضعف ملاءمة المنظومة القانونية والضريبية لواقع وحاجيات جمعيات المجتمع المدني، ومحدودية الاستفادة من صفة المنفعة العامة، إضافة إلى ضعف استغلال إمكانيات التشغيل الجمعوي، وارتكاز العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني على التمويل فقط.
وبالرغم من أن دستور المملكة خوّل لجمعيات المجتمع المدني المساهمة في إعداد السياسات العمومية وتنفيذها وتقييمها، من خلال تقديم الملتمسات عبر تقديم الملتمسات والعرائض إلى السلطات العمومية، فإن التشخيص الذي أعدته الوزارة أشار إلى وجود “تعقيد في آليات الديمقراطية التشاركية”.
ومن أجل تجاوز العراقيل التي تعيق عمل المجتمع المدني، قدمت الاستراتيجية جملة من المقترحات؛ من أبرزها: ضرورة تأهيل الإطار القانوني عبر سنّ قوانين تتعلق بالحق في الحصول على المعلومة والتشاور العمومي، وإعداد مراجع ودلائل حول الديمقراطية التشاركية، وإحداث هيئة تشاورية تشرف جمعيات المجتمع المدني.
وتسعى الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني كذلك إلى تعيين هيئة حكومية مكلفة بالتنسيق بين السلطات العمومية في مجال المجتمع المدني، وتفعيل شراكة السلطات العمومية من خلال المواثيق والاتفاقيات تحدد المهام والمسؤولية، ومرْكَزة نشر المعلومات المتعلقة بطلبات العروض المشاريع والتمويلات المتاحة، وإحداث سجلّ وطني خاص بالمجتمع المدني، ومرصد وطني حول أنشطة جمعيات المجتمع المدني.
وتقوم الاستراتيجية التي أعدتها الوزارة على مجموعة من الرهانات المحورية؛ منها تأهيل البيئة التي تنشأ وتتطور فيها جمعيات المجتمع المدني، وملاءمتها مع توجيهات الملك ومع مقتضيات دستور 2011، وهيكلة وتقوية قدرات المجتمع المدني من أجل تمكينها من القدرات التقنية اللازمة للقيام بمهامها، ودعمها لضمان استمرارية تنظيمها.
ومن بين الرهانات التي تقوم عليها الاستراتيجية تقوية مشاركة جمعيات المجتمع المدني في السياسات العمومية؛ وذلك من خلال تعزيز أدوارها كشريك أساسي في إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات العمومية، وتجاوز الضعف المسجل على هذا المستوى والذي يؤثر يُقلل من أدوارها كشريك في مسلسل التنمية.
وفي الشق المتعلق بالولوج إلى التمويل العمومي، تشير الاستراتيجية الجديدة إلى افتقار السلطات العمومية إلى الآليات الناجعة التي تخول التنسيق بينها في مجال منح الدعم العمومي لجمعيات المجتمع المدني، وتتبعه بشكل دقيق، داعية إلى الحرص على تفعيل الآلية الكفيلة بتمكين السلطات العمومية من تتبع التمويل العمومي.