محمد عصام يكتب: أسئلة للناطق الرسمي باسم الحكومي !!
كعادته "في طحن الماء"، لم يقدم الناطق الرسمي أية أجوبة تشفي الغليل في ندوته الصحفية "المملة" عقب انعقاد مجلس الحكومة أمس الخميس.
ومن بين الأسئلة الراهنة التي طرحت عليه، موضوع التعديل الحكومي، ومدى صحة الأخبار المتداولة إعلاميا بخصوصه، وكعادته لم ينف ولم يثبت شيئا، ولم يقل شيئا يمكن أن يقاس بمنطق العقل أو منطق الواقع، بل فضل كعادته الهروب إلى الأمام، في إصرار مرضي على تحويل الندوة الصحفية إلى محطة لتدوير لغة الخشب وزرع "الضباب" واللامعنى في التواصل السياسي.
الوزير عاد لاجترار نفس الأسطوانة بقوله إن الحكومة منسجمة وتشتغل بنفَسٍ مشترك وجماعي، وأن الحديث عن التعديل يستوجب توفر شرطين الأول سياسي يتعلق بنقاشات الأغلبية وتوجهاتها السياسية والثاني يتعلق بمساطر ومحطات دستورية !!!!.
ولسنا هنا لنذكر وزير "الحديث باسم الحكومة"، أننا لسنا في حاجة أن نكتشف على يديه بأن التعديلات الحكومية مسيجة بضوابط وآليات حرص الدستور على تدقيقها وبيانها، حتى يكلف نفسه بمهمة تذكيرنا بذلك!!!
فنحن بصدد الحديث عن خبر يجتاح وسائل الإعلام عموما، منذ خبر جون أفريك قبل أسابيع، وتوالت بخصوصه تسريبات إعلامية متناسقة من منابر قريبة من الحكومة نفسها، أو لنكن دقيقين من منابر تقتات من مائدة التحالف الحكومي ومن حزبه الأغلبي تحديدا، دون أن تكلف الحكومة وخصوصا رئيسها نفسيهما مهمة تبديد ما يتسبب فيه هذا الخبر من تشويش وضبابية، سواء بالنفي أو الإثبات.
أما حكاية الانسجام التي قذف بها الناطق، فهي لا تصمد أمام كثير من الوقائع، ربما أعلاها عدم قدرة هذه الحكومة وتحالفها على الالتزام بما ألزمت به نفسها في ميثاق الأغلبية الذي وقعته يوم 6 دجنبر 2021، بعقد لقاء شهري راتب كل شهر للأغلبية، حيث كان آخر لقاء لها عقد يوم 29 يوليوز، وقبله وطيلة أربعة أشهر لم تعقد ولو لقاء واحدا، فآخر لقاء لها كان في 8 أبريل 2021 .
هذا العجز عن عقد لقاءات الأغلبية لا يمكن تفسيره إلا على جهة الشك، وأن مكونات هذه الأغلبية لا تستطيع البث في قضايا خلافية تخترق بنيتها، وتكشف عنها النيران الصديقة التي تقع بين الفينة والأخرى داخل المؤسسة التشريعية بغرفتيها، كما أن الأوضاع الداخلية التي لا تسر الناظرين لبعض مكونات هذه الأغلبية والتي لم تعد سرا تلقي بثقلها على هذا الانسجام المفترى عليه.
فهل يستطيع الناطق الر سمي أن يفسر لنا هذا العجز، إذا كانت هذه الأغلبية كما يدعي منسجمة فعلا؟
وهل يستطيع أيضا أن يفسر لنا عجزا آخر لا يُنتبه له كثيرا، وهو المتعلق بعدم إخراج لائحة كتاب الدولة التي بشر بها بلاغ أكتوبر حين تشكيل الحكومة ونحن الآن على مشارف نهاية سنة كاملة من عمر الحكومة، دون أن يظهر لكتاب الدولة أثر.
وهده لوحدها سابقة في التاريخ السياسي إن لم نقل فضيحة، فعجز الأغلبية على استكمال بنية حكومتها باقتراح كتاب الدولة كل هذه المدة بعد إعلان النية على ذلك، لا يمكن تفسيره أيضا إلا على جهة الشك في انسجام الأغلبية، وعجزها عن تدبير المحاصصة بين مكوناتها، وربما أيضا الخوف من تداعيات الحسم في هذا الموضوع على الصف الداخلي لبعض مكوناتها، التي لم يعد سرا حجم التقاطب الذي تشهده.
هذه بعض من الأسئلة التي نعرف جيدا أن الناطق الرسمي لن يجيب عنها، لأنه ببساطة اختار منذ اليوم الأول في مهامه أن يحاورنا بلغة الخشب وبأسلوب الهروب إلى الأمام، أما رئيس الحكومة فهو ميؤوس من حاله إلى أجل غير مسمى.. ولله الأمر من قبل ومن بعد !!!